أحمل سماعة الأذن دائما منذ فترة طويلة لاستخدامها في مهمتها الأسمى وهي تجنّب الأحاديث مع أشخاص يجيدون التحدث في الكثير من المواضيع التي لا تهمنّي ولا تهمّهم لكنهم يستطيعون فتحها والتوغل في دهاليزها وكلما حاولت إغلاق هذه المواضيع بكل طرقي التي اكتسبتها عبر السنين في المراوغة اكتشفت أن أساليبهم المراوغة في إعادة فتح المواضيع أكثر تطورا.
إذا كنت تعتقد أن استخدامي لسماعات الأذن نجح في صدهم أحب أن أخبرك أن أساليبهم الهجومية تحدت أساليبي الدفاعية وتغلبت عليها حتى فكرت في التتلمذ على يد جوزيه مورينيو لاكتساب مهارات دفاعية جديدة.
عززت لبس سماعة الأذن بالتجاهل وإدّعاء عدم السماع والإنهماك بأشغال إضافية بجانب الاستماع لكنهم قفزوا هذا الحاجز أيضا الذي كلما رفعته عاليا قفزوه ولو أنهم شاركوا في سباقات الوثب بالزانة لحققوا أرقاما قياسية.
بعد هذه المقدمة الطويلة التي أخذتني عن موضوعي الذي أنوي التحدث عنه حتى كدت أنساه أحب أن أخبركم أنّي وجدت مهمة أسمى لسماعة الأذن بعد فشلها في مهمتها القديمة بالنسبة لي.
لم أكن أحس بأهمية سماعة الأذن في الطائرة حتى نسيتها في إحدى سفراتي القليلة واكتشفت أن الوضع في الطائرة ممل على عدة أصعدة:
فأنت قد تسافر لعدة ساعات دون استخدام الانترنت أو استخدامه في نطاق ضيق ومحدود لا يدفع مللا ولا يقطع وقتا ولنكن متفقين أنك وإن كنت قارئا تحمل كتابك أينما اتجهت فقد تواجه الملل من الكتاب وتحتاج لكسر الملل بزيارة مواقع التواصل الإجتماعي لترى ما فاتك من أشياء غير مهمة.
وإن كان لابد من السفر دون انترنت فقد تملأ هاتفك ببعض الموسيقى أو الأفلام لتقضية الوقت وسماعة الأذن في هذه الحالة ذات أهمية قصوى تكاد توازي أهيمة رحلتك أو تفوقها.
سماعة الأذن ستنقذك من الإزعاج المبرر لأصحابه ولكنك غير ملزم بتحمله وغير قادر على الاعتراض عليه فسماعة الأذن هي حلّك السلمي في هذه الحالة وحتى لا تكون مصدرا للإزعاج وجب عليك استعمالها.
صارت سماعة الأذن بالنسبة لي مسألة أمن قومي فعند حالات الاستنفار المتأخرة التي أقوم بها للتجهيز لأي رحلة أبدأ بسماعة الأذن ثم بقية الأغراض التي في الغالب لن أحتاجها في الطائرة.
<ملاحظة غير مهمة:تعرض في الطائرات أفلام وثائقية بعضها يبدو مشوقا ولكنها تعرض في الشاشة المشتركة لعدة ركاب ولا أعرف هل توجد طريقة للاستماع لها على متن الطائرة لأنها في الغالب تكون مرئية فقط دون صوت فإن كان أحدكم يعرف طريقة للإستماع لها فليخبرني لأنها قد تكون طريقة جديدة لدفع الملل>
وكما قالت عبلة كامل لمحمد سعد في فيلم اللمبي:
(أقول لنفسي سماعتك في أذنك جوالك في يدك اللي يزعجك طنشه).
طارق الصميلي